فاطمة السمحة
كان ياما كان وفي قرية بشمال السودان تسكن فتاة اسمها فاطمة. وكانت اجمل بنات زمانها فسميت «السمحة» اي فائقة الجمال. ولم تكن جميلة وجه وجسد فقط، بل كانت طيبة كريمة الاخلاق احبها كل من عرفها، اصبحت سيرتها حديث مجالس الشباب وكم من امير تقدم لخطبتها واعتذر اهلها لصغر سنها.
وكانت القرية الوادعة بالقرب من غابة كثيفة لم تطأها قدم بشر، يسكنها غول شرير ينام سنة ويصحو سنة، وعندما ينام يضع شعر زوجته تحت رأسه وكان من عادته ان يتزوج شابة جديدة كل عشرين سنة، ويختار اجمل البنات في القرى المجاورة ويخطفها لتصبح زوجته، وبعد عشرين سنة يقتلها ليختار عروساً جديدة.
وكان اهل القرية يعرفون انها سنة اختيار الغول لزوجة جديدة، ويتهامسون خوفا على فاطمة اجمل فتيات المنطقة على الاطلاق، وكانت عائلتها تدرك ذلك لذا منعوها من الخروج وكانوا مصممين على حمايتها بالسيوف والارواح، وكانت جدتها اكثر الناس حرصا على سلامتها ولم تكن تسمح لها بالذهاب مع صديقاتها للعب في الحقول المجاورة.
وكانت الغيرة والحقد يسيطران على عقول كثير من فتيات القرية اللائي كن يدركن ان الشباب مشغولون عنهن بفاطمة السمحة، وجمالها واخبارها وكن يعلمن بأن احد لن يتقدم لخطبتهن طالما كان الامل يحدو الجميع بأن تكون فاطمة من نصيبه.
وذات يوم التقت مجموعة من الفتيات في مناسبة لاحداهن، وبينما كن يتجاذبن اطراف الحديث ذكرت احداهن ما يشغل بالهن: الزمن يجري والشباب مشغولون بفاطمة السمحة، فما العمل؟ تفاكرن وتدبرن ووصلن لفكرة تريحهن من فاطمة وما تسببه لهن من بوار.
في الصباح الباكر تجمعت الفتيات وذهبن لفاطمة وطلبنا منها الذهاب معهن الى بساتين النخيل لجمع البلح، فرحت فاطمة التي سئمت الحبس بين جدران الدار وطلبت من الفتيات ان يكلمن والدها، اعتذر الأب واخبرهن بأن الشورى عند والدتها التي اعتذرت بدورها قائلة ان كل ما يخص فاطمة لا يتم إلا بمشورة جدتها، رفضت الجدة رفضاً باتاً، ولم تيأس الفتيات وكررن طلبهن بالحاح مؤكدات حرصهن على فاطمة، فكرت الجدة في طريقة تثنى البنات فقالت لهن: سوف انثر جوالاً من السمسم وآخر من الذرة في ساحة البيت على ان تجمعنه حبة حبة، ولو نقصت حبة واحدة لن اسمح لفاطمة بالذهاب معكن، وجمعت البنات كل الحبوب ولم يكن في وسع الجدة إلا ان تسمح لفاطمة بالذهاب معهن.
وكان ان خرجت فاطمة في صحبة البنات ووصلت الى بستان النخيل حيث اقنعن فاطمة بالصعود لقطع سبائط البلح ففعلت واخذت ترمي لهن بالبلح وهن يضعن الناضج منه في سلالهن وغير الناضج في سلة فاطمة ثم يغطينه بالبلح الناضج وأوشكت الشمس على المغيب واستعدت البنات لرحلة العودة وفاطمة لا تدري انهن قد وضعن خطة شريرة للتخلص منها، وعندما وصلن الى البئر قلن لفاطمة انهن سيلعبن لعبة البئر والسوار، وهي ان ترمي كل واحدة منهن سوارها في البئر والتي تخرج سوارها أولاً تنال جائزة عليها. ترددت فاطمة إلا انها وافقت بعد الحاح.
تظاهر البنات برمي اساورهن، ولكنهن رمين مجرد حجارة، ورمت فاطمة بسوارها وانتظرت نهاية اللعبة، وهنا تضاحكت رفيقاتها وتغامزن وهن يهرلون نحو القرية دون ان يلتفتن لنداء فاطمة وتوسلاتها.
وكان ان بقيت فاطمة وحدها تبكي حائرة لا تدري ماذا تفعل، واذا بريح غريبة تزحف بطريقة مريبة وفي آخرها عاصفة صفراء، قالت الريح لفاطمة: «فاطمة السمحة خذي حذرك مما سيأتي» وظهرت ريح حمراء كلون الدم وقالت: لقد تركتك وحيدة وهربن، خذي حذرك مما سيأتي».
وتكررت العواصف حتى ظهرت الريح السابعة السوداء وخاطبت فاطمة بالحديث نفسه، بعدها ظهر الغول بجثته الضخمة وشكله المرعب يتطاير الشرر من عينيه، وتهتز الارض تحت قدميه وصاح: لا تخافي يافاطمة سأخرج لك سوارك الجميل ثم ادخل رأسها في البئر وشرب ماءها عن آخره واخرج السوار وقدمه لفاطمة التي شكرته وهمت بالعودة لدارها لكن الغول صاح: سوف تذهبين معي، لقد حان وقت نومي، طار بها الغول وفي غمضة عين وصل بها الى قصره وسط الغابة التي لم تطأها قدم بشر.
وكان ان ظلت القرية ساهرة تبحث عن فاطمة السمحة ودب الحزن في قلوب الجميع، وقصد اهلها بيت عجوز القرية الحكيم الذي امر اخوة فاطمة السبعة بأخذ ثور ابيض الى الغابة وعندما يتأكدون من ان خدم الغول يغطون في نوم عميق يذبحون الثور وينثرون دمه في كل مكان من القصر، نفذ الاخوة النصيحة وفعلوا ما امر به العجوز وقصوا شعر فاطمة وحملوها مسرعين بعيدا عن دار الغول، وفجأة هب الغول من نومه لان الاخ الصغير نسي ان ينثر الدم على حجر صغير واخذ يضرب على صدر الغول حتى استيقظ.
وكان ان خرج الغول من القصر تسبقه الرياح السبعة حتى لحق بالركب فانبرى الأخ الاول واطاح برأس الغول وفي غمضة عين ظهر للغول رأس آخر تمت الاطاحة به.. وهكذا حتى الرأس السادس، عندها هرب الغول بعد ظهور الرأس السابع. وكان أن امر العجوز الاخ الاكبر للعودة للغابة وقطع الرأس السابع، فحمل سيفه وعاد بعد ايام وهو يحمل رأس الغول الذي تم حرقه ونثر رماده في البوداي والوديان والهضاب ومنذ ذلك الحين لم يسمع احد عن الغول وعاشت فاطمة السمحة حياة هانئة سعيدة وتزوجت ود النمير لتصبح اماً وجدة لكثير من اهل السودان.
وكانت القرية الوادعة بالقرب من غابة كثيفة لم تطأها قدم بشر، يسكنها غول شرير ينام سنة ويصحو سنة، وعندما ينام يضع شعر زوجته تحت رأسه وكان من عادته ان يتزوج شابة جديدة كل عشرين سنة، ويختار اجمل البنات في القرى المجاورة ويخطفها لتصبح زوجته، وبعد عشرين سنة يقتلها ليختار عروساً جديدة.
وكان اهل القرية يعرفون انها سنة اختيار الغول لزوجة جديدة، ويتهامسون خوفا على فاطمة اجمل فتيات المنطقة على الاطلاق، وكانت عائلتها تدرك ذلك لذا منعوها من الخروج وكانوا مصممين على حمايتها بالسيوف والارواح، وكانت جدتها اكثر الناس حرصا على سلامتها ولم تكن تسمح لها بالذهاب مع صديقاتها للعب في الحقول المجاورة.
وكانت الغيرة والحقد يسيطران على عقول كثير من فتيات القرية اللائي كن يدركن ان الشباب مشغولون عنهن بفاطمة السمحة، وجمالها واخبارها وكن يعلمن بأن احد لن يتقدم لخطبتهن طالما كان الامل يحدو الجميع بأن تكون فاطمة من نصيبه.
وذات يوم التقت مجموعة من الفتيات في مناسبة لاحداهن، وبينما كن يتجاذبن اطراف الحديث ذكرت احداهن ما يشغل بالهن: الزمن يجري والشباب مشغولون بفاطمة السمحة، فما العمل؟ تفاكرن وتدبرن ووصلن لفكرة تريحهن من فاطمة وما تسببه لهن من بوار.
في الصباح الباكر تجمعت الفتيات وذهبن لفاطمة وطلبنا منها الذهاب معهن الى بساتين النخيل لجمع البلح، فرحت فاطمة التي سئمت الحبس بين جدران الدار وطلبت من الفتيات ان يكلمن والدها، اعتذر الأب واخبرهن بأن الشورى عند والدتها التي اعتذرت بدورها قائلة ان كل ما يخص فاطمة لا يتم إلا بمشورة جدتها، رفضت الجدة رفضاً باتاً، ولم تيأس الفتيات وكررن طلبهن بالحاح مؤكدات حرصهن على فاطمة، فكرت الجدة في طريقة تثنى البنات فقالت لهن: سوف انثر جوالاً من السمسم وآخر من الذرة في ساحة البيت على ان تجمعنه حبة حبة، ولو نقصت حبة واحدة لن اسمح لفاطمة بالذهاب معكن، وجمعت البنات كل الحبوب ولم يكن في وسع الجدة إلا ان تسمح لفاطمة بالذهاب معهن.
وكان ان خرجت فاطمة في صحبة البنات ووصلت الى بستان النخيل حيث اقنعن فاطمة بالصعود لقطع سبائط البلح ففعلت واخذت ترمي لهن بالبلح وهن يضعن الناضج منه في سلالهن وغير الناضج في سلة فاطمة ثم يغطينه بالبلح الناضج وأوشكت الشمس على المغيب واستعدت البنات لرحلة العودة وفاطمة لا تدري انهن قد وضعن خطة شريرة للتخلص منها، وعندما وصلن الى البئر قلن لفاطمة انهن سيلعبن لعبة البئر والسوار، وهي ان ترمي كل واحدة منهن سوارها في البئر والتي تخرج سوارها أولاً تنال جائزة عليها. ترددت فاطمة إلا انها وافقت بعد الحاح.
تظاهر البنات برمي اساورهن، ولكنهن رمين مجرد حجارة، ورمت فاطمة بسوارها وانتظرت نهاية اللعبة، وهنا تضاحكت رفيقاتها وتغامزن وهن يهرلون نحو القرية دون ان يلتفتن لنداء فاطمة وتوسلاتها.
وكان ان بقيت فاطمة وحدها تبكي حائرة لا تدري ماذا تفعل، واذا بريح غريبة تزحف بطريقة مريبة وفي آخرها عاصفة صفراء، قالت الريح لفاطمة: «فاطمة السمحة خذي حذرك مما سيأتي» وظهرت ريح حمراء كلون الدم وقالت: لقد تركتك وحيدة وهربن، خذي حذرك مما سيأتي».
وتكررت العواصف حتى ظهرت الريح السابعة السوداء وخاطبت فاطمة بالحديث نفسه، بعدها ظهر الغول بجثته الضخمة وشكله المرعب يتطاير الشرر من عينيه، وتهتز الارض تحت قدميه وصاح: لا تخافي يافاطمة سأخرج لك سوارك الجميل ثم ادخل رأسها في البئر وشرب ماءها عن آخره واخرج السوار وقدمه لفاطمة التي شكرته وهمت بالعودة لدارها لكن الغول صاح: سوف تذهبين معي، لقد حان وقت نومي، طار بها الغول وفي غمضة عين وصل بها الى قصره وسط الغابة التي لم تطأها قدم بشر.
وكان ان ظلت القرية ساهرة تبحث عن فاطمة السمحة ودب الحزن في قلوب الجميع، وقصد اهلها بيت عجوز القرية الحكيم الذي امر اخوة فاطمة السبعة بأخذ ثور ابيض الى الغابة وعندما يتأكدون من ان خدم الغول يغطون في نوم عميق يذبحون الثور وينثرون دمه في كل مكان من القصر، نفذ الاخوة النصيحة وفعلوا ما امر به العجوز وقصوا شعر فاطمة وحملوها مسرعين بعيدا عن دار الغول، وفجأة هب الغول من نومه لان الاخ الصغير نسي ان ينثر الدم على حجر صغير واخذ يضرب على صدر الغول حتى استيقظ.
وكان ان خرج الغول من القصر تسبقه الرياح السبعة حتى لحق بالركب فانبرى الأخ الاول واطاح برأس الغول وفي غمضة عين ظهر للغول رأس آخر تمت الاطاحة به.. وهكذا حتى الرأس السادس، عندها هرب الغول بعد ظهور الرأس السابع. وكان أن امر العجوز الاخ الاكبر للعودة للغابة وقطع الرأس السابع، فحمل سيفه وعاد بعد ايام وهو يحمل رأس الغول الذي تم حرقه ونثر رماده في البوداي والوديان والهضاب ومنذ ذلك الحين لم يسمع احد عن الغول وعاشت فاطمة السمحة حياة هانئة سعيدة وتزوجت ود النمير لتصبح اماً وجدة لكثير من اهل السودان.