حكايات وحكايات

تم جمع و كتابة الحكايات الشعبية وتصحيحها و ترجمة بعضها إلى اللغة العربية الفصحى من طرف فاطمة فكروش( معلمة مادة اللغة العربية)

الأحد، 28 أغسطس 2011

حكاية البنت والغول من التراث الشعبي المغربي

البنت والغول

يحكى أن بنتا كانت تسكن وحيدة بمكان قفر ، الا من قطة سيئة الطباع ، فبينما كانت البنت تنظف فناء المنزل اذا بها تعثر على حبة فول فأكلتها والقطة تنظر اليه فخاطبتها قائلة : ماذا أكلت ؟ أجابت البنت تلقائيا : أكلت حبة فول لا أكثر ، لكن القطة علقت عليها بقولها كان عليك أن تقسمي الفولة معي ، وعليه فانني سأنتقم لنفسي ، سوف أبول لك في الكانون لأطفئ النار التي تساعدك على طبخ الخبز . لم تكترث البنت بملاحطة القطة ، كما اعتبرت تهديدها ضربا من ألاعيبها ، لكنها وقد خمر العجين وأرادت أن تنصب المقلى فوق النار لتطبخ خبزها تأكدت من تهديد القطة الماكرة فغضبت غضبا شديدا فأجلت معاقبة القطة وأخذت تفكر في الأمر وقد بات ظلام الليل على وشك النزول . نظرت البنت المسكينة يمنة ويسرة علها تأنس نارا من هنا أو هناك ، بينما هي على تلك الحال اذا بضوء خافت يتسلل اليها من بين الأشجار الملتفة حول البيت ، فعزمت على اكتشاف مصدر الضوء مهما كلفها الثمن . خرجت البنت وحيدة تخترق الأدغال والأحراش وبصرها لا يكاد يحيد عن الضوء الذي بدا يشبه النار شيئا فشيئا ، وما ان وصلت حتى فوجئت بما لم يكن يخطر لها على بال، انه مكان به غول موحش ، الغول الذي لم تكن تسمع عنه الا في الحكايات الشعبية ، غول يلبس جلد حمار ، ويجلس على رأس حمار ويطبخ في قدر كبير لحم حمار ويحرك القدر برجل حمار ، فبادرته بالسلام فكان رده سريعا لا يخلوا من تهديد ووعيد وهو يقول : وعليك السلام ، والله لوما كان كلامك سباق كلامي ، وسلامك سباق سلامي كعملت لحمك ف لقما ودمك ف جوغما ، آش بغيتي ؟ ردت البنت وهي ترتجف من الخوف : بغيت شويا د النار باش نطبخ الخبز ديالي . أعطاها الغول قطعة من قدر مكسور وقال لها : خذي ما تريدين ولا تريني وجهك حتى لا يشتد غيظي فآكلك . أخذت المسكينة قبسا من ناره وقفلت راجعة دون أن تسلم من أذاه ، ذلك أنه أدمى ساقها من الخلف حتى اذا كانت راجعة الى بيتها تركت أثرا يدل على طريقها تمكن من الوصول اليها لافتراسها . لم تهنأ البنت بنارها وخبزها أكثر من يوم واحد حتى فاجأها الغول بطرق بابها وهو يقول : أبون يابابون آش جبرتي عمك الغول كيعمل ؟ اضطرت البنت الى مدح الغول حتى لا تغيظه وذلك بردها :جبارت عمي الغول لابس الكسوا د الحرير ، وكالس على الكرسي د الدهب ، وكيطيب اللحام د الغزال ، وكيحرك القدرا بالمطلع د الدهب .رغم هذا الاطراء فان الغول كسر الباب الأول من أبواب البيت السبعة واكتفى بذلك في اليوم الأول من هجومه ، وكذلك فعل بالبواب الخمس الأخرى ، ولم يبق أمامه سوى باب واحدة ليظفر بفريسته . شعرت البنت بالخطر فكتبت رسالة مستعجلة الى اخوانها الذين يحصلون العلم في بلد بعيد تستنفرهم فيها لانقادها من الغول اللعين ، واختارت حمامة كتنت تغرد بالقرب من منزلها ففعلت ، وما أن نزلت في حجر كبير الاخوة وقرأ هذا الأخير الرسالة حتى جمع اخوته وقرروا العودة الى البيت على وجه السرعة ،وبمجرد وصولهم نصبوا فخا للغول وانتظروا قدومه وكل منهم يحمل بندقيته . حضر الغول كعادته وطرح سؤاله المعتاد الا أن رد البنت هذه المرة كان صريحا بحيث وصفته على الصورة الحقيقية التي رأته عليها أول مرة مما جعله يزداد غيظا فانقض على الباب لكنه ينزلق بسبب كثرة الصابون الذي وضع أمام الباب ، وقبل أن ينهض تعرض لطلقات بنادق الاخوة ، وهكذا يتخلص الجميع من شرالغول ، أما القطة فطردت من البيت بعد أن كادت تموت من الجوع جزاء وفاقا ، والسلام

حكاية شجرة الغول

يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك شيخ فقير يصر على العيش وحيدا في انتظار موته ، كان يسكن وحيدا في كوخه المنعزل البعيد عن القرية ، ولم يكن يخرج أبدا من كوخه هذا أو يدخل لأنه كان مشلولا . وكان له سرير ينام فيه بجانب الباب ، وإن أراد فتح الباب فإنه يسحب خيطا يشد عارضة الباب فينفتح . وكانت لهذا الشيخ حفيدة صغيرة في نهاية الطفولة ، تحضر له كل يوم غداءه وعشاءه من الطرف الآخر من القرية حيث تسكن مرسلة من طرف والديها اللذان لا يستطيعان الاعتناء بالشيخ بنفسيهما .

كانت الصبية تحضر كل يوم رغيفا من الكسرة وصحنا من الكسكسي ، وعند وصولها كانت تغني :

ــ افتح لي الباب ، يا أبي " إينوبا " ، يا أبي " إينوبا " !

وكان الشيخ يرد عليها :

ــ حركي أسورتك الصغيرة لكي ترن ، يا ابنتي " عائشة " !

وكانت الفتاة تحك أسورتها بعضها ببعض ، فيسحب الشيخ عارضة الباب ، وتدخل عائشة وتقوم بكنس الكوخ ، وتنفض فراش جدها ، ثم تقدم له وجبته وتسقيه ماء . وبعد أن تقعد معه فترة من الزمن ، تغادر الكوخ عائدة إلى بيتها تاركة إياه هادئا موشكا على النوم . وكانت تحكي لوالديها كل يوم كيف اعتنت بجدها وخدمته وآنست وحشته . وكان الجد يحب كثيرا رؤيتها قادمة إليه .

لكن في أحد الأيام شاهد الغول الطفلة ، وتبعها متخفيا حتى وصلت إلى الكوخ وسمعها تغني :

ــ افتح لي الباب ، يا أبي " إينوبا " ، يا أبي " إينوبا " !

وسمع الغول الشيخ يرد قائلا :

ــ حركي أسورتك الصغيرة لترن يا ابنتي عائشة!

فقال الغول في نفسه : " لقد فهمت كل شيء ، غدا سأعود وسأردد كلمات الصبية ، وسيفتح لي الباب وعندها سآكله ! " .

وفي الغد قبل وقت قصير من وصول الفتاة تقدم الغول نحو الكوخ وقال بصوته الخشن :

ــ افتح لي الباب يا أبي " إينوبا " ، يا أبي " إينوبا " !

لكن الشيخ العجوز رد عليه قائلا :

ــ انصرف أيها اللعين ! أتعتقد أنني لم أعرفك ؟

وقد عاد الغول مرات كثيرة ولكن الشيخ كان يعرفه في كل مرة . وفي الأخير ذهب الغول إلى الساحر ليستشيره ، وقال له :

ــ هناك شيخ عجوز مقعد يسكن خارج القرية ، ولكنه لا يريد فتح الباب لي لأن صوتي الخشن يفضحني ، دلني على وسيلة تجعل صوتي ناعما ، وواضحا كصوت حفيدته الصغيرة .

فأجابه الساحر قائلا :

ــ اذهب وادهن حلقك بالعسل ثم تمدد على الأرض تحت الشمس وأبق فمك مفتوحا ، فيأتي النمل ويدخل إلى حلقك ثم يقوم بكشطه ، ولن يمر يوم حتى تجد صوتك قد أصبح ناعما واضحا !

قام الغول بما أمره به الساحر : اشترى عسلا وملأ به حلقه وتمدد تحت الشمس وفمه مفتوح ، فجاء جيش من النمل ودخل إلى حلقه .

مر يومان فذهب الغول إلى كوخ الشيخ وأخذ يغني :

ــ افتح لي الباب ، يا أبي " إينوبا " ، يا أبي " إينوبا " !

لكن الشيخ عرفه مرة أخرى فصاح فيه قائلا :

ــ ابتعد أيها اللعين ! أنا أعرف من تكون .

فعاد الغول من حيث أتى ، وصار يأكل العسل ويأكل ، ثم استلقى لساعات طويلة تحت الشمس ، وترك جماعات من النمل تدخل وتخرج من حلقه ، ولم يمر اليوم الرابع حتى كان صوته أكثر رقة ووضوحا من صوت الصبية . وهكذا عاد الغول مرة أخرى إلى كوخ العجوز وراح يغنى أمام الباب :

ــ افتح لي الباب ، يا أبي " إينوبا " ، يا أبي " إينوبا " !

فرد الجد عليه :

ــ حركي أسورتك الصغيرة لترن يا ابنتي عائشة !

كان الغول قد أخذ معه سلسلة فقام بتحريكها ، عندئذ انفتح الباب ، فدخل الكوخ والتهم الشيخ المسكين ، ثم لبس ثيابه واستلقى في مكانه منتظرا وصول الفتاة ليلتهمها هي الأخرى .

وجاءت الصبية ، ولكن ما إن وصلت أمام الكوخ حتى لاحظت أن دماء تسيل من تحت بابه ، فقالت في نفسها فزعة : " ماذا حدث لجدي ؟ " فأحكمت إغلاق الباب الخارجي وراحت تغني :

ــ افتح لي الباب ، يا أبي إينوبا ، يا أبي إينوبا !

فأجاب الغول بصوته الناعم الواضح :

ــ حركي أسورتك الصغيرة لترن يا ابنتي عائشة !

اكتشفت الفتاة أن هذا لم يكن صوت جدها ، فوضعت الكسرة وطبق الكسكسي الذي أحضرته على قارعة الطريق ، ثم انطلقت إلى القرية لتنذر والديها . وعند وصولها أخبرتهم بما حدث باكية :

ــ لقد أكل الغول جدي .. وقد أغلقت عليه الباب .. والآن ماذا سنفعل ؟

ذهب الأب بسرعة إلى ساحة القرية وأخبر السكان بالأمر ، فقامت كل عائلة بتقديم حزمة من الحطب وركض الرجال من كل جانب لحمل الحطب إلى الكوخ وأشعلوا فيها النيران ، وقد قام الغول بدفع الباب بكل قواه محاولا الهرب لكن بدون جدوى ، وهكذا احترق وكانت نهايته .

في العام التالي ، نبتت شجرة بلوط في المكان الذي أحرق فيه الغول ، وقد سميت " بلوطة الغول " ، يمر عليها الناس فيتذكرون نهاية الغول .